متصلة بها واستمرار لها، وقد انطوى فيها تنويه بالمهتدين المحسنين وتطمين لهم وإنذار للكفار المسيئين وتنديد لهم.
وإطلاق الكلام فيها يجعلها كسابقاتها عامة التوجيه والتبشير والإنذار لكل الناس في كل ظرف كما هو المتبادر.
ولقد روى المفسرون عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ وتابعيهم أن الزيادة المذكورة في الآية الأولى هي رؤية الله عز وجل. وأوردوا أحاديث عديدة منها ما ورد في الصحاح ومنها ما لم يرد. ومن الأول حديث رواه الترمذي ومسلم عن صهيب عن النبي ﷺ قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، قالوا ألم تبيّض وجوهنا وتنجنا من النار وتدخلنا الجنة.
قال فيكشف الحجاج فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحبّ إليهم من النظر إليه» «١». ومن الثاني حديث عن أبيّ بن كعب جاء فيه: «أنه سأل رسول الله ﷺ عن قول الله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله» «٢».
ولقد أنكر الزمخشري صحة الأحاديث ووصف القول بإمكان رؤية الله تعالى بأنه قول المشبهة لأن في ذلك تجسيدا لله تنزه عنه سبحانه.
وهذه المسألة من المسائل الخلافية في المذاهب الكلامية الإسلامية وقد شرحناها وعلقنا عليها في سياق تفسير سورة القيامة بما يغني عن التكرار. على أن الطبري والبغوي وغيرهما رووا تأويلات أخرى للكلمة منها أن الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب عزوا إلى علي بن أبي طالب، ومنها أنها زيادة في غفران الله ورحمته ومضاعفة أجر الحسنات أضعافا كثيرة عزوا إلى ابن عباس والحسن وقتادة. وإذا صحت هذه الأقوال فإن هذا يفيد أن قائليها لم يثبت عندهم الأحاديث التي تفسر الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى.
ويتبادر لنا أن تأويل الكلمة في مقامها بمعنى مضاعفة الأجر وزيادة رحمة الله
(٢) النص من الطبري، وفي الطبري حديث آخر من هذا الباب عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم.