أن تكون الكلمة من سور المدينة حيث يحيط السور بكل ما فيها، وتحيط السورة بكل ما فيها من آيات القرآن، وإما أنها من السورة التي بمعنى المنزلة أو المرتبة، وإما أنها من السؤر الذي بمعنى البقية، وفي لسان العرب: السورة هي منزلة من البناء، ومنه سورة القرآن لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى، ومهما يكن من أصل اشتقاقها اللغوي وأصل معناها فإن السياق الذي وردت فيه هذه الكلمة في القرآن يدل دلالة لا ريب فيها على أنها تعني مجموعة مستقلة وكاملة من الآيات والفصول القرآنية، وأن هذا المعنى كان مفهوما ومألوفا في الوسط العربي الذي خوطب بالقرآن لأول مرة، وأن تقسيم القرآن إلى المجموعات التي سميت سورا كان نتيجة لذلك أيضا.
ولما كانت هذه الكلمة قد وردت بعد نزول طائفة كبيرة من القرآن المكي فمن الممكن أن يقال إن كثيرا من السور القرآنية كان في هذا العهد قائم الشخصية، وفي سورة هود التي يجيئ ترتيبها في روايات النزول بعد سورة يونس تحدّ للكفار بعشر سور مما فيه تأييد لما نقول. هذا عدا ما يلهم ذلك كثير من السور ذات المطالع والخواتم البارزة التي سبقت هذه السورة.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٤٠ الى ٤١]
وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١)
تعليق على آية وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ
ولا يروي المفسرون فيما اطلعنا عليه كذلك رواية في مناسبة نزول الآيتين، وهما معطوفتان على ما قبلهما فتكونان والحالة هذه استمرارا للسياق. وقد قال بعض المفسرين «١» إن الآية الأولى تضمنت معنى التسلية للنبي ﷺ حيث تقرر أنه