داود عن عمر جاء فيها: «قال رسول الله ﷺ إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء ويغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانتهم من الله. قالوا يا رسول الله أخبرنا من هم وما أعمالهم فإنا نحبّهم لذلك. قال هم قوم تحابّوا في الله بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها. فو الله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) » «١».
ويتبادر لنا أن الحديث لا يعني أن الفئة المذكورة فيها أعظم من الأنبياء والشهداء، وكل ما يعنيه أنهم ذوو منزلة عظمى عند الله يمكن أن ينالها غير هاتين الطبقتين اللتين تكونان قلة على كل حال بالنسبة للمؤمنين الصالحين في الأجيال المتعاقبة التي لا تحصى إلى يوم القيامة. ومع واجب الإيمان بما يثبت عن رسول الله ﷺ من المشاهد الأخروية والأمور المغيبة فحكمة الحديث المتبادرة هي الحثّ على نيل هذه الدرجة بالتحلي بما فيها من صفات لا بد من أن الإيمان والتقوى منطويان فيها والتنويه بمن ينالها.
وفي صدد الآية الثالثة حديث في صيغ عديدة روى واحدة منها الترمذي والحاكم وصححها جاء فيه: «قال رجل من أهل مصر سألت أبا الدرداء عن هذه الآية قال ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله ﷺ عنها قال ما سألني عنها أحد منذ أنزلت فهي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له» «٢».
ويلحظ أن هذه الآية معطوفة على سابقتيها ومبشرة بحسن منزلة أولياء الله في الدنيا والآخرة. ولا تبدو حكمة لتفسير البشرى الموعودة بالرؤيا الصالحة إلا أن يكون أريد بذلك زيادة التطمين والبشرى، والله أعلم.
ولقد تطرق السيد رشيد رضا والسيد جمال القاسمي في تفسيريهما في سياق تفسير الآيات إلى الفئة التي اعتاد العوام أن يلقبوها بلقب ولي الله ويرووا عنها
(٢) التاج ج ٤ ص ١٢٩. [.....]