استحالة البعث حيث كانوا يعتقدون أن السحر تخييل وقوع ما لا يمكن وقوعه على ما شرحناه في سياق سورة المدثر.
وما جاء في الآية الثانية من تحدي الكفار واستهزائهم بسبب تأخر العذاب الموعود قد تكرر منهم كثيرا مما مرّت أمثلة عديدة منه في السور التي سبق تفسيرها حيث كان البعث والجزاء الأخرويان من أهمّ مواضيع الجدل والحجاج والتحدي بينهم وبين النبي ﷺ وقد ردت عليهم الآية ردا قويا مؤكدة ومنذرة ومتوعدة كما هو الشأن في سياق حكاية أقوالهم المماثلة.
تعليق على جملة وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ
وفي الآية الأولى جديد وهو أن عرش الله كان على الماء قبل خلق السموات والأرض، وقد ذكر هذا في الإصحاح الأول من سفر التكوين هكذا: (في البدء خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلام، وروح الله يرف على وجه الماء). ولقد علقنا على مسألة خلق الله السموات والأرض في ستة أيام في سياق تفسير سورة القمر وعلقنا على مدى تعبير العرش في سياق تفسير سورة البروج بما يغني عن التكرار، والفقرة هنا بما فيها الجديد هي بسبيل تقرير أزلية الله سبحانه وعظمته وإبداعه للأكوان وما فيها وهيمنته الأزلية والبرهنة على قدرته على بعث الناس بعد الموت، فلا محل ولا طائل وراء البحث في الكيفيات والماهيات المتصلة بذات الله الذي ليس كمثله شيء على ما نبهنا عليه في المناسبات السابقة.
ولقد أورد المفسر ابن كثير في سياق هذه الآية حديثا رواه الإمام أحمد عن أبي رزين لقيط بن عامر قال: «قلت يا رسول الله أين كان ربّنا قبل أن يخلق خلقه؟
قال: في عماء ما تحته هواء أو ما فوقه هواء ثم خلق العرش بعد ذلك» «١». وحديثا