القرآني في كثير من الآيات حيث يقرن الأمر بمشيئة الله تعالى إعلانا بأن كل شيء وأمر منوط بأمره وإذنه ومشيئته. وأنه لا ضرورة ولا طائل من التخمين وإطالة الكلام في العبارة ومداها كما فعل بعضهم «١» وتفويض الأمر في حكمة مداها لله عز وجل مع ملاحظة كون الهدف الجوهري للآيات هو إنذار الكفار السامعين ومن بعدهم ليرعووا ويتوبوا وتبشير المؤمنين السامعين ومن بعدهم ليغتبطوا ويثبتوا والله أعلم.
تعليق على جملة فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ
روى الطبري في سياق هذه الجملة حديثا عن عمر بن الخطاب رواه أيضا البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي جاء فيه: «قال عمر أرأيت ما نعمل فيه أمر مبتدع أو فيما فرغ منه فقال فيما فرغ منه يا ابن الخطاب. كلّ ميسّر أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة وأما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء» «٢».
وروى البغوي حديثا عن علي بن أبي طالب رواه أيضا مسلم والترمذي جاء فيه:
«كان رسول الله ﷺ جالسا ذات يوم وفي يده عود ينكت به فرفع رأسه فقال ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار. قالوا يا رسول الله فلم نعمل أفلا نتكل. قال اعملوا فكل ميسّر لما خلق له. ثم قرأ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) الآيتين في سورة الليل».
ولسنا نرى في هذين الحديثين ما يوهم أن الله قد كتب الشقاء والسعادة من الأزل على أناس بأعيانهم وبصورة اعتباطية تنزّه عن ذلك، بل فيهما ما يمكن أن يفيد أن ذلك منوط بسلوكهم. وكل ما يمكن أن يكون بالإضافة إلى ذلك أن الله
(٢) التاج ج ٥ ص ١٧٣ و ١٧٤.