القرآن نيفا وثلاثمائة مرة حيث يدلّ هذا على ما أوّلته حكمة التنزيل من اهتمام عظيم لمعالجة ما انطوى في هذه الكلمة التي تتجسّد فيها معان عديدة على ما تفيده وتلهمه الآيات التي وردت فيها كالجور الذي هو ضدّ العدل والانحراف عن طريق الحقّ والجناية على النفس والإضرار بالنفس والغير والعدوان على حريّات الناس وحقوقهم وأموالهم ودمائهم وبخاصة الضعفاء واستغلالهم والتحكّم فيهم والاستكبار عن دين الله وسبيله والصدّ عنهما ومناوأة رسل الله ودعاة الإصلاح والهدى والكيد لهم واقتراف الآثام وبخس الحق. وبكلمة واحدة كل المنكرات والفواحش. ومعظم الآيات التي جاءت فيها والتي تغني كثرتها وإثباتها في معظم السور عن التمثيل لها هي بسبيل التنديد بالظلم والظالمين على اختلاف مدلول الكلمة والحملة عليهم ولعنتهم وبيان ما سوف يلقونه من الخزي وانفصال وسوء العاقبة والمنقلب في الدنيا والآخرة. والتعريض بهم والتحريض عليهم وإيجاب مكافحتهم ومقاومتهم بكل وسيلة. وعدم الإذعان لهم والسكوت عنهم وتلقين ما في ذلك من عزّة وكرامة وحق ونصر لدين الله ومصلحة المسلمين العامة وطمأنينة المجتمع وتلقين ما في مخالفة ذلك من إثم ومنكر وذلّ ومهانة وتشجيع على الظلم واستشرائه. وفي كل ذلك ينطوي هتاف قرآني داو ضدّ الظلم والظالمين ودعوة داوية إلى اجتنابه ومقاومته. وهذا وذاك بقوته وشموله من الخصوصيات التي انفرد بها القرآن.
وهناك آيات عديدة تذكر أن الله يأخذ القرى أيضا إذا كانت ظالمة وأن الله لا يهلك التي تظلم إذا كان أهلها مصلحين وأن الله قد يهمل الظالمين أمدا ولكنه لا بدّ من أن يأخذهم بعذابه وبأسه مثل الآيات التالية:
١- وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:
١٠٢].
٢- وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ [هود:
١١٧].