[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٦٠]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠). المتبادر أن هذه الآية جاءت استطرادية. فقد وصف الله تعالى نفسه بالرحمن في الآية السابقة لها مباشرة. فاستطردت هذه إلى التنديد بالكفّار الذين إذا قيل لهم اسجدوا للرحمن تساءلوا تساؤل المنكر المستكبر عن هذا الرحمن وقالوا بأسلوب المتهكم: كيف نسجد لما تأمرنا وازدادوا نفورا وانصرافا عن الدعوة.
تعليق على اسم الرحمن
ولقد ذكر المفسرون «١» في سياق هذه الآية أن مسيلمة النبي الكذّاب الذي ظهر في أواخر عهد النبي ﷺ في اليمامة كان يتسمّى باسم الرحمن، وأنه أنشأ حديقة سمّاها حديقة الرحمن، أو أنه كان له صنم يسميه بهذا الاسم أقامه في الحديقة، وأن تساؤل الكفار متّصل بذلك حيث التبس عليهم الأمر فظنوا أن النبي ﷺ يأمرهم بالسجود له.
وفي سورة الرعد آية متصلة بهذا المعنى وهي: كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠) حيث ينطوي فيها حكاية موقف آخر للمشركين إزاء اسم الرحمن. وقد روى المفسرون في صدد هذه الآية أن أبا جهل سمع النبي ﷺ يقول يا رحمن فقال إن محمدا يدعو إلها آخر اسمه الرحمن ولا نعرف الرحمن إلّا رحمن اليمامة «٢».
ومهما يكن من أمر هذه الروايات فإن أسلوب الآيتين قد يدلّ على أن المشركين كانوا يقفون موقفا خاصا عند ذكر القرآن والنبي لهذا الاسم لسبب ما.
وهذا الاسم هو أكثر أسماء الله الحسنى ورودا في القرآن بعد اسم الجلالة
(١) انظر تفسير الآية في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والطبرسي والخازن.
(٢) انظر تفسير الخازن والبغوي وابن كثير لسورة الرعد.
(٢) انظر تفسير الخازن والبغوي وابن كثير لسورة الرعد.