برسالة النبي ﷺ ويناوئون دعوته ويبذلون جهدهم في الدس بين المسلمين وتشكيكهم في النبي ﷺ والقرآن مما ذكرته آيات كثيرة على ما سوف نشرحه في مناسبات أخرى. غير أن هذا ليس من شأنه فيما يتبادر لنا أن يمنع المسلم بعد ذلك العهد وفي أي عهد من الاطلاع على ما عند أهل الكتاب وغير أهل الكتاب من كتب وعلوم على اختلاف أنواعها وترجمتها إلى اللغة العربية واللغات الأخرى التي يتكلمها المسلمون غير العرب. وكل ما يجب عليه التنبيه والحذر والتروي حتى لا يكون سم في دسم. وهناك أحاديث عديدة صحيحة يصح أن تساق في هذا المقام منها حديث رواه الترمذي عن أبي هريرة جاء فيه: «الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها». وحديث رواه الترمذي وأبو داود عن أبي الدرداء قال:
«سمعت رسول الله ﷺ يقول من سلك طريقا يبتغي به علما سلك الله له طريقا إلى الجنة». وفي القرآن آيات كثيرة نبهت المسلمين إلى ما في الكون العظيم من آيات باهرات وأمرتهم بالتفكر بها وتدبرها وهذا لا يكون إلّا بالتعليم والاطلاع والاقتباس من أهل العلم أيا كانوا وأين ما كانوا. ولقد فهم أهل القرون الإسلامية الزاهرة الأولى هذا على حقيقته فكان لهم ذلك الإسهام العظيم المبدع المذهل في كل مجالات العلم والمعرفة اطلاعا وترجمة ثم ابتداعا وتوسيعا. تشهد على ذلك ما خلفوه من تراث عظيم في كل مجالات العلم والفنون والمعرفة. والله تعالى أعلم.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤ الى ٦]
إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)
(١) فيكيدوا لك كيدا: يدبرون لك مكيدة.