قضيت قضاء فإنه لا يردّ. وإني أعطيتك لأمتك ألّا أهلكهم بسنة عامة وألّا أسلّط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من أقطارها أو من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا». وفي رواية أبي داود زيادة وهي: «وإنما أخاف على أمّتي الأئمة المضلّين. وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمّتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمّتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلّهم يزعم أنه نبيّ. وأنا خاتم النبيّين لا نبيّ بعدي ولا تزال طائفة من أمتي على الحقّ ظاهرين لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» «١». وحديث رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة. اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة» «٢».
وتعليقا على ما تقدم نقول أولا: إن الآية جزء من آيات موجهة إلى المشركين السامعين على سبيل التنديد بهم وإنذارهم. وليس في الأحاديث الصحيحة ما يؤيد القول إنها نزلت في أمة محمد. والأرجح أن هذا القول قد كان تطبيقيا، ومن وحي الأحداث التي وقعت عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وعبارة الآية تسوغ هذا التطبيق الاجتهادي بالنسبة لكل سامعي القرآن في كل ظرف من المسلمين وغيرهم على سبيل الإنذار في حالة انحرافهم أو ضلالهم وبغيهم واستحقاقهم لمثل هذا العذاب الذي أنذرت به الآية سامعي القرآن الضالين البغاة مباشرة. وثانيا: إن ما جاء في الأحاديث هو من قبيل الاستدراك النبوي المنبعث من الإنذار الرباني في الآية وفيها صورة رائعة للشفقة النبوية على أمته من بعده ومن الحكمة الملموحة
(٢) التاج ج ١ ص ٣٩ و ٤٠ وهناك أحاديث أخرى رواها أئمة حديث آخرون ليسوا من أصحاب الكتب الخمسة أوردها المفسرون وبخاصة ابن كثير من باب الأحاديث التي أوردناها مع بعض زيادات ونقص فاكتفينا بما أوردناه.