علم الله كما قلنا رسوله والمؤمنين بالدعاء بأن لا يؤاخذهم إذا نسوا أو أخطأوا ومقتضى حكمة ذلك الاستجابة لهذا الالتماس. وفي حديث رواه البخاري والترمذي أن الله تعالى كان يوحي للنبي ﷺ حينما أنزل آخر آيات البقرة بكلمة نعم عند كل مقطع من مقاطع الالتماسات التي في هذه الآية «١».
وننبه على أن في سورة النساء آية ترتب الكفارة والدية على قتل الخطأ، وهي الآية [٩٢] ولا نرى هذا متعارضا مع ذاك لأنه ليس في هذا الترتيب عقوبة على إثم وإنما فيه تعويض عن حق وتوبة إلى الله بالكفارة للتنبيه على ما في إزهاق النفس من خطورة ولو كان ذلك خطأ. والله تعالى أعلم.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٧١ الى ٧٣]
قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٧١) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣)
(١) استهوته الشياطين: استجاب لنداء الشياطين وتبعهم، وكان من صور عقائد العرب في الجن أنهم ينادون من يرونه منفردا في القفر فيتبعهم وتختلط عليه الأمور فيضلّ ويضيع ويقع في المهلكة.
(٢) عالم الغيب والشهادة: الغيب هنا بمعنى المغيب والمخفي والمستقبل والشهادة بمعنى الحاضر والمشاهد.
في الآيات أمر للنبي ﷺ بالتساؤل بلهجة استنكارية عما إذا كان يصح في العقل أن يدعو هو والمسلمون غير الله مما لا ينفعهم ولا يضرهم وأن يرتدوا على

(١) التاج ج ٤ ص ٦٤.
الجزء الرابع من التفسير الحديث ٨


الصفحة التالية
Icon