والآيات قوية نافذة، ومع واجب الإيمان بما حكته من مشهد أخروي فإن من الحكمة المتبادرة فيها إثارة الخوف والرهبة في السامع وحمله على التراجع إن كان جاحدا.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن الذين يؤمر بحشرهم مع الظالمين من الآلهة هم الأصنام أو الشياطين أو غير عباد الله الصالحين الذين اتخذهم الناس آلهة ومعبودات وشركاء مثل الملائكة والعزير والمسيح على اعتبار أن هؤلاء غير مسؤولين عن فعل المشركين. وقد حكت بعض الآيات تنصلهم منهم ما مرّ مثاله في الآيات [١٦- ١٧] من سورة الفرقان.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ الصافات: [٢٤] حديثا عن أنس بن مالك قال: «قال النبي ﷺ ما من داع دعا إلى شيء إلّا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه. وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ قول الله تعالى وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ» «١» ويلحظ أن الضمير في الآية عائد بصراحة حاسمة للظالمين المشركين خاصة. فإن صح الحديث فيكون النبي ﷺ هدف إلى استلهام الآية لوعظ المسلمين وتحذيرهم من أي قول أو عمل فيه انحراف وضلال.
هذا، وللشيعة تأويل غريب على عادتهم للآية، حيث قالوا إنها في حق الذين أنكروا ولاية عليّ ومنعوها عنه، بل لقد رووا في ذلك حديثا عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ «٢» لم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة وتغافلوا عن أن الآية مكية وأنها في سياق التنديد بالمشركين الظالمين وإنذارهم.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٥ الى ٣٣]
ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩)
وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣)
(٢) ترجمة مختصر التحفة الإثني عشرية ص ١٥٧.