المنكر والصبر في الخطوب وعدم الجزع أم في وجوب الشكر لله وفائدة ذلك للإنسان مع تقرير استغناء الله عنهم شاكرين كانوا أم كافرين. أم في تعظيم ما في الشرك من ظلم وإثم وسخف. من حيث إن ما يرد في القرآن من ذلك ولو جاء على لسان لقمان هو أيضا مما يجب على المسلم أن يعتبره موجها إليه وأن يلتزم به، وينسحب هذا على ما ورد في القرآن من أوامر ونواه أخلاقية واجتماعية محكية عن الله عز وجل وموجهة إلى الأنبياء وأقوالهم، أو محكية عن رسل الله وغيرهم.
والمفسرون يعتبرون ذلك كذلك ويديرون الكلام عنه على هذا الاعتبار. وقد نبهنا على ما في كلام ملكة سبأ عن الملوك وعلى ما في كلام قوم قارون لقارون، من ذلك في سورتي النمل والقصص، وعلى ما في كلام الله الموجه لرسله وكلام رسله الموجه إلى أقوامهم من ذلك في سياق السور التي سبق تفسيرها وفيها قصص الأنبياء.
وعلى اعتبار أن في مواعظ لقمان أخلاقيات متنوعة وأن ما وجه من الله إليه هو موجه إلى المسلمين أيضا. فإن المفسرين وبخاصة ابن كثير أورد على هامش هذه الآيات أحاديث متنوعة. منها ما ورد في الصحاح ومنها ما لم يرد، وقد أوردنا بعض ما ورد في الصحاح منها في سياق مجموعة سورة الإسراء ونورد فيما يلي بعض ما لم نورده. من ذلك في صدد جملة وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ حديث قدسي رواه مسلم عن أبي ذرّ عن رسول الله عن الله تعالى قال: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا إلّا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر». وفي صدد حسن الخلق وحسن التعامل مع الناس حديث رواه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: «خياركم أحاسنكم أخلاقا». وحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: «سئل رسول الله ﷺ ما أكثر ما يدخل الناس الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق». وحديث رواه مسلم