دولة في بلاد الشام، ومنهم اللخميون الذين أنشئوا دولة في بلاد العراق، ومنهم بنو عبد القيس الذين أنشئوا دولة في عمان. وقد قدر المؤرخون أنه حدث قبل البعثة النبوية بنحو أربعمائة عام.
ولقد سبق تعريف لسبأ في سياق آيات في سورة النمل ذكر فيها هذا الاسم، وإذا كان من شيء نقوله هنا زيادة على ذلك فهو أن النقوش اليمنية ذكرت خبر وقوع خراب وعطب على سد مأرب العظيم مرة بعد مرة خلال القرون الخمسة التي سبقت البعثة النبوية. إن اسم سبأ ظل على ما تلهم الآيات إلى حادث سيل العرم يطلق على البلاد التي كان يطلق عليها من القديم وإن هذه البلاد ظلت مزدهرة عامرة إلى ذلك الوقت يتصل عمرانها بالبلاد المباركة التي رجحنا أنها الحجاز أكثر من بلاد الشام إلى أن أحدث السيل فيها ما أحدثه من تخريب وتدمير.
ولقد أورد المفسرون «١» بيانات كثيرة في سياق الآيات عن بلاد سبأ وسدها وجناتها وقراها وعمرانها وسيل عرمها وما أحدثه من خراب وما أدى إلى ذلك من هجرة أهلها وتفرقهم في أنحاء الأرض وما نبت في أرض جناتها من أشجار الأثل والخمط والسدر معزوة إلى علماء التابعين فيها الغث والسمين لم نر ضرورة إلى إيرادها، وفيها دلالة على أن أخبار سبأ وسيل العرم مما كان متداولا في بيئة النبي صلّى الله عليه وسلم وعصره في نطاق ما ورد في الآيات، فاقتضت حكمة التنزيل التذكير بذلك على سبيل العبرة والتمثيل.
هذا، ولقد أورد ابن كثير في مناسبة جملة إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [إبراهيم/ ٥] في الآية الأخيرة من الآيات حديثين أحدهما رواه الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عجبت من قضاء الله تعالى للمؤمن، إن أصابه خير حمد ربّه وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد ربّه وصبر، يؤجر المؤمن في كلّ شيء حتّى في اللّقمة يرفعها إلى في امرأته». وثانيهما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عجبا