ومع أنه يبدو أن لا رابطة بين هذه الآيات والسلسلة القصصية الطويلة التي سبقتها فإنه يلمح أن بين الآية الأخيرة من السلسلة والآية الأولى من هذه الآيات رابطة ما. فتلك تتضمن توكيد كون السلسلة وحيا ربانيا، وهذه تذكر أن أكثر الناس مع ذلك لا يؤمنون بهذا الوحي الذي ينزل بالقرآن. كما أن الآية الأخيرة من السورة التي هي جزء منسجم من الآيات التي جاءت بعد السلسلة القصصية قد ربطت بينهما بما احتوته من التنبيه إلى ما في قصص القرآن من العبرة، ومن التأكيد بأنها ليست حديثا مفترى ولكنها وحي من الله سبحانه لتكون هدى ورحمة للمؤمنين حيث يسوغ كل هذا القول إن هذه الآيات وما بعدها قد جاءت بمثابة التعقيب على السلسلة القصصية.
ولقد أعقبت آيات قصة موسى وفرعون في سورة القصص التي بينها وبين هذه السورة تشابه من حيث البداية والدخول رأسا في موضوع القصة آيات ربطت بين هذه القصة وما بعدها ربط تعقيب واستطراد. وهكذا يبدو الانسجام رائعا في النظم القرآني.
استطراد إلى ما يفعله بعض المسلمين من أفعال فيها سمة من سمات الشرك
ولقد استطرد ابن كثير في سياق الآية وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ إلى ما يفعله كثير من المسلمين من أفعال يرتكسون فيها بشكل ما في الشرك كالحلف بغير الله والاستعانة والتعلق بغير الله وتعليق التعاويذ والرقى والتمائم والتطير وسؤال العرافين والكهان والرياء فيما يباشرونه من أعمال فيها طاعة ويكون قصدهم اكتساب المديح والشهرة دون ابتغاء مرضاة الله تعالى. وأورد في ذلك أحاديث نبوية عديدة منها حديث رواه مسلم عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله قال الله تبارك وتعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه». وحديث رواه الترمذي وأبو داود عن ابن عمر قال:
«سمعت رسول الله يقول من حلف بغير الله فقد أشرك». وحديث رواه أبو داود عن