كيف نختصم ونحن إخوان؟ فلمّا قتل عثمان قالوا: هذه خصومتنا. وهذه الأحاديث لم ترد في مساند الصّحاح. والمتبادر أنها مما أخذ يروى أو يساق على هامش الآيات القرآنية نتيجة للخلاف والنزاع الذي وقع في آخر عهد عثمان وبعده واندمج فيه بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. لأن نصّ الآية وما قبلها وما بعدها يدل دلالة قاطعة على أنها في حقّ فريقي الكفار المشركين والنبي ﷺ والمؤمنين ولا يتحمل أن يصرف إلى المسلمين فقط في حال.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٣٢ الى ٣٥]
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)
. (١) مثوى: مقام أو منزل.
(٢) جاء بالصدق: كناية عن النبي ﷺ الذي جاء برسالة الله وقرآنه وأصحابه الذين صدقوا به.
عبارة الآيات واضحة. وقد تضمنت تقريرا تنديديا بأنه ليس من أحد أشد ظلما وجناية على نفسه ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه وهو القرآن ورسول الله صلى الله عليه وسلم. وبأنه من الطبيعي أن تكون جهنم مثواه. ثم تقريرا تنويهيا بالمقابلة بمن جاء بالصدق وصدق به الذين هم المتقون والذين من الطبيعي أن يكون لهم عند الله ما يشتهون ويشاؤون لأن هذا هو جزاء المحسنين عنده. ولسوف يكفر الله عنهم أسوأ ما فرط منهم من ذنوب ويغفرها ويجزيهم أجرهم بأحسن ما عملوا جزاء استجابتهم وتصديقهم وتقواهم.
ولقد روى المفسرون أقوالا عديدة عن علماء أصحاب رسول الله ﷺ وتابعيهم في المقصود بمن جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ منها أن الأول جبريل