والذي يهديه لا يمكن أن يضله أحد. وسؤال آخر في معنى التقرير والتوكيد والإنذار بأن الله قوي منتقم لن يعجز عن جاحديه ولن يفوته الانتقام منهم.
وقد روى المفسرون «١» في سياق الآيات أن المشركين كانوا يخوفون النبي ﷺ من انتقام معبوداتهم بسبب ما كان يوجهه إليهم من تسفيه وتنديد كما رووا «٢» أن المشركين خوفوا خالد بن الوليد من بطش العزّي حينما أرسله النبي ﷺ ليهدم بيتها. والحادث الأخير كان بعد فتح مكة. والخطاب موجه إلى النبي ﷺ بحيث يجب استبعاد الرواية الثانية والأخذ بالرواية الأولى مع القول إن الآيات لم تنزل لمناسبة جديدة من ذلك وإنما جاءت لتردد أقوال المشركين وترد عليها في سياق سلسلة الجدل والمناظرة التي هي حلقة منها وليست منفصلة عنها. وعلى كل حال ففي الآيات صورة أخرى مما كان يقع بين النبي ﷺ والمشركين.
ولقد نبهنا في مناسبات سابقة إلى وجوب الرجوع إلى الآيات التي تفيد إضلال الله للظالمين والفاسقين وهداية الله للمنيبين إليه المتقين لإزالة الإشكال الذي قد يرد في الآيات التي يرد ذلك فيها مطلقا. ونكرر هذا التنبيه بمناسبة هذه الآيات.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٣٨]
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨)
. جاءت الآية معقبة على ما سبقها حيث تقرر أولا تناقض المشركين العجيب في اتخاذهم شركاء مع الله مع أنهم لو سألهم النبي ﷺ عمن خلق السموات والأرض لاعترفوا بأنه الله عز وجل وحيث تأمر النبي ﷺ ثانيا بسؤالهم سؤالا يتضمن جواب النفي والتحدي والتهوين عما إذا كان هؤلاء الشركاء قادرين على
(٢) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري وابن كثير والخازن.