قال بعضهم إن الإطلاق في الآية يجعل تقييد غفران الذنوب بالتوبة خلاف الظاهر «١» واستندوا في قولهم هذا إلى آية النساء [٤٧] المار ذكرها ونصها. وقد أوردوا في مناسبتها أحاديث نبوية منها حديث رواه أبو أيوب الأنصاري أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «لولا أنّكم تذنبون لخلق الله عزّ وجلّ قوما يذنبون فيغفر لهم». وحديث رواه أنس بن مالك أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتّى تملأ خطاياكم ما بين السّماء والأرض ثمّ استغفرتم الله تعالى لغفر لكم. والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عزّ وجلّ بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم» «٢».
ومنها حديث عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ قال: «سمعت رسول الله ﷺ يقول: ما أحبّ أنّ لي الدنيا وما فيها بهذه الآية يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ إلى آخر الآية فقال رجل: يا رسول الله فمن أشرك؟ فسكت النبيّ ﷺ ثم قال: ألا ومن أشرك ثلاث مرات» «٣». وحديث عن عمرو بن عنبسة قال: «جاء رجل إلى النبي ﷺ شيخ كبير يدّعم على عصا له فقال: يا رسول الله إنّ لي غدرات وفجرات فهل يغفر لي؟ قال: ألست تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: بلى وأشهد أنك رسول الله. فقال: قد غفر لك غدراتك وفجراتك» «٤». وحديث عن علي بن أبي طالب قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الله تعالى يحبّ العبد المفتّن التوّاب» ».
ويلحظ أولا: أن روايات وحشي غريبة في مناسبتها وظرفها ثم في تدرجها لأجل إقناعه وجعله يسلم وهي لم ترد في كتب الصحاح. وفضلا عن ذلك إن آية النساء [٤٨] التي تروي هذه الروايات أنها نزلت لإقناعه ليست في صدد تأميل غير المشركين وإنما هي في صدد تعظيم جريمة الشرك بالله كما هو ظاهر بقوة في أسلوبها.
(٢) انظر تفسير ابن كثير.
(٣) النصوص من ابن كثير.
(٤) النصوص من ابن كثير.
(٥) النصوص من ابن كثير.