في الآيات تعقيب على الفصل القصصي كما هو الظاهر، واحتوت تقرير وقاية الله للمؤمن وحكاية ما سوف يكون من أمر فرعون وقومه بعد الموت ويوم القيامة وما سوف يذوقونه من شديد العذاب ومحاورة التابعين والمتبوعين وإلقاء هؤلاء التبعة على أولئك وندم الجميع وحسرتهم ويأسهم من النجاة وأنيب خزنة النار لهم حينما طلبوا منهم دعاء الله بالتخفيف عنهم.
وأسلوبها قوي نافذ، والهدف الذي استهدفه الفصل القصصي وهو الزجر والعبرة والتذكير والموعظة والإنذار والتنديد قد انطوى في هذا التعقيب أيضا، ويلفت النظر إلى المحاورة المحكمية بين الضعفاء والمستكبرين، حيث ورد مثلها على لسان المستضعفين والمستكبرين العرب أيضا في سورة سبأ السابقة لهذه السورة، وحيث ينطوي في هذا التماثل قصد الإنذار والزجر للسامعين أيضا كما هو المتبادر.
تعليق على جملة النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ [٤٦] واستطراد إلى الأحاديث عن عذاب القبر
ولقد وقف المفسرون عند هذه الجملة وأوردوا تأويلات صحابية وتابعية وأحاديث نبوية في صددها. من ذلك ما رواه الطبري عن البلخي قال: «سمعت الأوزاعي وسأله رجل قال: رحمك الله رأينا طيورا تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب بيضا فوجا فوجا لا يعلم عددها إلا الله فإذا كان العشيّ رجع مثلها سودا قال: وفطنتم إلى ذلك قالوا: نعم قال: تلك الطيور في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدوّا وعشيّا فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سودا فتنبت عليها من الليل رياش بيض وتتناثر السود ثم تغدو يعرضون على النار غدوّا وعشيا ثم ترجع إلى وكورها فذلك دأبها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قال الله: أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب قالوا: وكانوا يقولون إنهم ستمائة ألف».
والحديث لم يرد في كتب الصحاح وهو على غرابته يقتضي أن يكون آل فرعون