يكون ذلك بقصد استكمال وصف صور الحياة الأخروية وبيان ما اقتضته حكمة الله من تنوعها. وهذا لا يقلل من اعتبار أن ذلك هادف في الوقت نفسه إلى إثارة الرعب والخوف والغبطة والطمأنينة فيمن يستمع للقرآن من الجاحدين والمؤمنين بأساليب تقريبية لما ألفوه من أسباب ووسائل، وأن تعدد وتنوع المواقف وأصحابها من مقتضيات ذلك. والله أعلم.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٢٤ الى ٢٥]
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥)
. (١) يستعتبوا: يطلبون العفو ويبدون الأعذار.
(٢) فما هم من المعتبين: لا يقبل اعترافهم واعتذارهم.
(٣) قيّضنا: بعثنا وهيأنا.
جاءت الآيتان نتيجة لسابقاتهما في صدد الإنذار واستمرارا فيه، فقررت أولاهما أن النار ستكون مثوى الكفار المشركين سواء تجلدوا وصبروا أم جزعوا وشكوا. ولن يكون لهم عنها مفرّ حتى لو ندموا واعترفوا بخطئهم واعتذروا عنه لأن الفرصة قد فاتتهم. واحتوت الثانية تعليلا لما صاروا إليه من المصير السيء.
فقد استمعوا إلى وسوسة الشياطين وقرناء السوء الذين امتحنهم الله بهم فزينوا لهم ما هم فيه وحسنوا لهم الإثم والكفر فحقّ عليهم هذا المصير كما حقّ على أمثالهم من قبلهم من الجن والإنس وكانوا خاسرين في النهاية.
تعليق على جملة وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ
وقد أولنا جملة وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ بما أولناها به لأن هذا هو


الصفحة التالية
Icon