لأنه لان للمسلمين بعد شدة عداوته بالمصاهرة التي حصلت بينه وبين النبي ﷺ ثم أسلم وصار وليا بالإسلام حميما بالقرابة. وهذه الرواية من أعجب الأمثلة على الأخذ بالروايات دون تمعن في النص والملابسة. فزواج النبي ﷺ ببنت أبي سفيان وقع بعد الهجرة بست سنوات ولم يكن لأبيها يد فيه حيث كانت في الحبشة مترملة عن عبد الله بن جحش الذي هاجرت معه في الهجرة الأولى. وقد خطبها النبي وعقد له عليها وهي في الحبشة وقدمت إليه رأسا منها. وإسلام أبيها كان في ظرف فتح مكة بعد سنتين ولم يرو أحد بعد أن الآية مدنية، وعبارة الآية المنسجمة مع ما قبلها وما بعدها لا يمكن أن تتسق مع الرواية قط.
هذا، ولقد احتوت سورة الأعراف آية مماثلة للآية [٣٦] من الآيات التي نحن في صددها. وعلقنا على مداها بما يغني عن التكرار.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]
وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (٣٨)
. المتبادر أن جملة فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ تعني الملائكة الذين ذكرت تسبيحهم الدائم والتفافهم حول الله وعرشه آيات كثيرة ومنها ما جاء في السورتين السابقتين لهذه السورة وهو ما قاله جمهور المفسرين مباشرة أو رواية.
وعبارة الآيتين واضحة، والخطاب فيهما موجه إلى المشركين، وفي الثانية تأنيب وتسفيه لهم بأسلوب حكيم، فإذا كانوا حقا يعترفون بالله ويعبدونه فلا يصح أن يسجدوا للشمس والقمر كما يفعلون بل عليهم أن يسجدوا له وحده. أما إذا استكبروا فلن يضيره استكبارهم فإن أعظم المخلوقات خطورة في أذهانهم وهم الملائكة دائبون على تقديسه، والحجة مفحمة لهم لأنهم يعترفون بالله ويعبدونه أيضا.
وليس هناك رواية خاصة في سبب نزول الآيات، والأرجح أنها جاءت بمثابة