كان يقول: «كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث». وأورد هذا البغوي وابن كثير في سياق آية الأحزاب كذلك. وهذا يذكر أن الحديث من مرويات ابن أبي حاتم أحد أئمة الحديث وأنه رواه مسلسلا إلى قتادة عن الحسن عن أبي هريرة بهذا النص: «روى أبو هريرة عن النبي ﷺ في قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ الآية، أنه قال: «كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث فبدأ بي قبلهم» وعقب ابن كثير على الحديث بقوله: إن أحد رواته سعيد بن بشير فيه ضعف وإن آخرين رووه عن قتادة مرسلا أو موقوفا والله أعلم.
ولقد أورد ابن كثير في سياق آية الأحزاب حديثا آخر رواه أبو بكر البزار مسلسلا إلى أبي هريرة أنه قال: «خيار ولد آدم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وخيرهم محمد» وعقب ابن كثير على هذا الحديث بقوله إنه موقوف وإن في أحد رواته حمزة الزيات ضعفا.
والأحاديث لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة وفيها من العلل ما يسوغ التوقف فيها كما هو ظاهر.
ونكرر ما قلناه إن اختصاص الأنبياء الأربعة بالذكر مع النبي ﷺ هو بسبب كونهم الأكثر شهرة وتداولا وعمومية عند سامعي القرآن. فقد كانوا ينتسبون إلى إبراهيم عليه السلام وينسبون إليه تقاليدهم الدينية ويزعمون أنهم على ملّته.
وموسى وعيسى هما أصل الديانتين اليهودية والنصرانية اللتين كانت لهم بهما وبأتباعهما صلات وثيقة متنوعة. وكانوا متأثرين بهما إلى حد كبير. وكانتا في نظرهم هي الديانات السماوية الكتابية، ونوح هو أبو البشر بعد الطوفان حيث تفرعت الأجناس من أولاده سام وحام ويافث على ما ورد في سفر التكوين الذي كان اليهود والنصارى يتداولونه ويعتبرونه من أسفارهم الهامة والذي كان العرب يعرفون كثيرا مما جاء فيه من أخبار وقصص عن طريقهم.
ولقد روى المفسرون «١» أقوالا عديدة معزوة إلى علماء التابعين في المقصود