البخاري والترمذي عن ابن عباس وهو من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم، وليس في التأويلات الأخرى ما في رتبة ذلك ولا قريب منه. وقد ذكر في سياق الحديث الذي أخرجه الطبراني أن بعض رواته ضعفاء، ولقد قال الطبري بعد أن أورد جميع الأقوال: «إن أولى الأقوال في ذلك بالصواب وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال لا أسألكم إلا أن تودوني في قرابتي منكم وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم وإن دخول حرف (في) مما يؤيد ذلك إذ لو كان قصد الآية مودة قربى رسول الله ﷺ لما دخل هذا الحرف ولكانت الجملة «إلا مودة القربى» لا «المودة في القربى». ولقد قال ابن كثير بعد أن أورد كثيرا من الأقوال والروايات التي أوردناها والأحاديث التي وردت في وجوب مودة واحترام ذوي قربى النبي صلى الله عليه وسلم: «والحق هو تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس». يعني التفسير الذي رواه البخاري والترمذي ولا ننكر الوصاة بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم، فإنهم ذرية طاهرة من أشرف بيت وجدّ على الأرض فخرا وحسبا ونسبا، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الواضحة الجليلة «١»، وجمهور المفسرين في جانب هذا التفسير «٢» أيضا.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٤]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤)
. في الآية تساؤل استنكاري عما إذا كان الكفار يقولون إن النبي ﷺ يفتري على الله الكذب وردّ مفحم على ذلك بأن الله قادر لو كان قولهم صحيحا على أن يختم على قلب النبي ﷺ ويطمس على بصيرته ويمحو الباطل المفترى عليه ويحق الحق. فهو العليم بما في الصدور المحيط بكل شيء القادر على كل شيء.
والآية غير منقطعة عن السياق وإن كانت تحكي زعما للكفار وترد عليه.

(١) انظر تفسير الآية في تفسير ابن كثير. [.....]
(٢) انظر تفسير الزمخشري والخازن والبيضاوي والبغوي والقاسمي أيضا.


الصفحة التالية
Icon