وفحواها يلهمان أن الخطاب فيها موجه للكفار وأنها بسبيل حثهم على الانتهاء من موقف الجحود والمكابرة قبل فوات الوقت والندم على ذلك. كذلك الأمر بالنسبة للتقريع الذي احتوته الآية الثانية والمقصود به في الدرجة الأولى كما هو المتبادر هم الجاحدون الظالمون. ويلحظ أن ما احتوته الآية الثانية قد احتوت مثله إحدى الآيات الأخيرة من السورة السابقة وقد وجه التقريع فيها للكافرين.
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٤٩ الى ٥٠]
لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)
. (١) يزوجهم: هنا بمعنى ينوعهم ويجعلهم أصنافا خليطا من ذكور وإناث.
في الآيتين تنويه بشمول ملك الله وقدرته ومشيئته: فكل ما في السموات والأرض ملك له. وبيده خلق كل شيء وعلى الوجه الذي تتعلق به إرادته ومشيئته.
ويدخل في ذلك حمل الأمهات ونوعه. فهو الذي يهب لمن يشاء إناثا فقط ولمن يشاء ذكورا فقط. وهو الذي يهب لمن يشاء أصنافا متنوعة من ذكور وإناث معا، وهو الذي يجعل من يشاء عقيما وكل ذلك وفقا لمقتضيات علمه وحكمته فهو العليم بكل شيء القادر على كل شيء.
وقد يبدو أن الآيتين منقطعتان عن الموضوع والسياق السابقين، غير أنه تبادر لنا شيء من الصلة بينهما وبين ما جاء في آخر الآية الأخيرة التي احتوت تنديدا بما جبل عليه الإنسان من البطر عند النعمة والكفر واليأس عند المصيبة. ولقد كان العرب يحبون ويشتهون الذكور ويكرهون ولادة البنات ويسخطون على نسائهم حينما يلدن إناثا ويعتبرون ذلك مصيبة على ما تفيده آيات قرآنية عديدة منها سورة