وطبيعتها ونزيد على هذا أن العبارة لا تفيد أن في ذلك اختصاصا ربانيا وعناية ربانية للطبقة المرتفعة أو حطا ربانيا من شأن الطبقة المنخفضة ولا ثباتا مستمرا لارتفاع أفراد الطبقة المرتفعة وانخفاض أفراد الطبقة المنخفضة. وأن الذي تفيده كما هو المتبادر من روحها وفحواها ومقام ورودها أن حكمة الله اقتضت أن يتفاوت الناس من حين إلى حين ومن جيل إلى جيل ومن بيئة إلى بيئة في الفهم والقدرة والقابلية والنشاط والثروة والمركز الاجتماعي. فيضمن هذا التفاوت تبادل قضاء المصالح والحاجات بين الناس على اختلاف درجات فهمهم وقدرتهم وقابليتهم ونشاطهم وثروتهم ومركزهم الاجتماعي. وفي بقية الآية التي جاءت فيها الجملة دليل على أن الارتفاع ليس اختصاصا ولا عناية ربانية وأن الانخفاض ليس انتقاصا ولا خفضا ربانيا.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]
وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤) وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)
. (١) معارج: سلالم ودرجات للصعود عليها.
(٢) زخرفا: بعض المفسرين واللغويين يقولون إن هذه الكلمة كانت تعني (الذهب).
(٣) لمّا: هنا بمعنى إلّا.
في الآيات:
١- تنبيه على أن الله قادر على منح الكافرين به جميعا بيوتا مسقوفة بالفضة مجهزة بسلالم من الفضة وبسرر وأبواب من الفضة ومزخرفة بأنواع الزخارف الذهبية أو يغدق عليهم الذهب فيتمتعون بذلك لولا أن حكمته اقتضت أن لا يكون


الصفحة التالية
Icon