٢- وأمر آخر للنبي ﷺ بأن يتركهم وشأنهم بعد ذلك ليخوضوا في الحديث ويقضوا أوقاتهم في اللهو واللعب والعبث إلى أن يصيروا إلى المصير الرهيب في اليوم الموعود، وبألا يحمل نفسه همهم فالله هو المتكفل بهم، وبأن يظل يقرر ويعلن بأن الله عز وجل هو الإله في السماء وفي الأرض وهو المحيط علمه بكل شيء الحكيم الذي لا يقع شيء إلّا بمقتضى حكمته وحكمه وهو المتعالي الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما العالم وحده بموعد الساعة والذي إليه مصيرهم ومرجعهم.
والآيات متصلة بالسياق من حيث إن الكفار المشركين وعقيدتهم موضوع الكلام فيها، وقد احتوت تسلية وتثبيتا للنبي ﷺ بسبب موقف الكفار العنيد منه.
ولقد قال بعض المفسرين إن الآية الأولى قد أريد بها المساجلة في الجدل بحيث أريد بها القول إنه إذا كان يصح أن يكون لله ولد فأنا أول المصدقين الخاضعين لكل ما يثبت ويصح عن الله. كما قال بعضهم إن كلمة الْعابِدِينَ في معنى الجاحدين أو الرافضين «١».
والشرح الذي شرحناه للآيات هو ما عليه جمهور المفسرين «٢» ونرجو أن يكون هو الصواب.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٨٦ الى ٨٧]
وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)
. روى المفسرون «٣» تأويلين للآية الأولى، أحدهما: «إن الذين يدعوهم المشركون من دون الله مثل عيسى والعزير والملائكة لن يشفعوا إلّا لمن شهد
(٢) انظر أيضا تفسيرها في تفسير الطبري والطبرسي والخازن وابن كثير والزمخشري والبغوي.
(٣) انظر تفسير الآية في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والطبرسي والزمخشري والخازن.