تعليق على جملة فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ
وبالإضافة إلى ما قلناه في مدى هذه الجملة في مقامها فهناك ما يمكن أن يضاف إليه أيضا.
فالأمر هنا موجه للنبي ﷺ ليصفح عن الجاحدين برسالته وليقول لهم سلام، وفي سورة الأنعام آية تأمره بأن يقول للمسلمين الفقراء الذين آمنوا به سلام عليكم [الآية/ ٥٤] وهناك آيات كثيرة أخرى منها آيات تفيد أن السلام هو تحية أهل الجنة فيما بينهم [آية سورة يونس/ ١٠ وآية سورة إبراهيم/ ٢٣] تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ ومنها ما يفيد أن الملائكة يستقبلون المؤمنين في الآخرة بالسلام [النحل/ ٣٢ والزمر/ ٧٣ والرعد/ ٢٤] ومنها ما أمر فيه بإلقاء السلام على أهل البيوت التي يدخلها المسلمون: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ «١» تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً... سورة النور: [٦١]، ومنها ما وجّه للأنبياء من الله [آيات سورة الصافات/ ١٠٩- ١٣٠] ومنها ما حكي عن عباد الرحمن حينما يخاطبهم الجاهلون كما جاء في آية سورة الفرقان هذه: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣).
والسلام هو بمعنى الأمان وضد الخصام وفيه معنى التطمين والتحبب والتأنيس، ولقد رويت أحاديث نبوية عديدة في الحثّ على تعاطيه وآدابه، منها حديث رواه أبو داود والترمذي ومسلم عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا أفلا أدلّكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» »
. وحديث رواه أبو داود عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «اعبدوا الرحمن وأطعموا الطعام وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام» «٣». وحديث رواه الترمذي عن جابر أن النبي ﷺ قال: «السلام قبل الكلام»
(٢) التاج ج ٥ ص ٢٢٣.
(٣) المصدر نفسه.