وتأويل إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) الذي أوردناه في الفقرة (رابعا) هو ما عليه جمهور المفسرين بناء على بعض الروايات. وقد تبادر لنا تأويل آخر لجملة إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) وهو (إنكم راجعون إلينا على كل حال يوم البطشة الكبرى أي يوم القيامة ولو كشفنا عنكم العذاب ردحا من الزمن استجابة لدعائكم) وهناك من أوّل البطشة الكبرى بيوم القيامة وهذا مما يؤيد تأويلنا والله أعلم.
تعليق على آية فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) وما بعدها وما روي في سياقها
ولقد رويت رواية عن ابن مسعود فيها بيان لمدى ومفهوم هذه الآيات، حيث قال ردا على من قال إن الآيات هي في صدد إنذار الكفار بالعذاب الأخروي ما مفاده: إن هذا ليس من العلم. وإن من العلم أن يقول الإنسان لما لا يعلم لا أعلم. إن قريشا لما أبطأت عن الإسلام واستعصت على رسول الله ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان أو يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان من الجهد. فجاءوا إلى رسول الله ﷺ فقالوا له: استسق الله لمضر فإنها قد هلكت، فاستسقى لهم فسقوا فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم فأنذرهم الله بالبطشة الكبرى. وكانت يوم بدر.
وقد أورد هذه الرواية معظم المفسرين وإن كان بعضهم أوردها مختلفة بعض الشيء عما أوردها البعض الآخر، ومن ذلك أن أبا سفيان هو الذي جاء إلى النبي ﷺ وقال له: جئت تأمر بصلة الرحم وقد هلك قومك فادع لهم «١». ورواها

(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والخازن والزمخشري والطبرسي.


الصفحة التالية
Icon