الآية» «١». وروى الطبري أن جبريل جاء يوما إلى النبي ﷺ فوجده حزينا فسأله عما يحزنه فقال له إنهم كذبوني فقال له إنهم يعلمون أنك صادق فهم لا يكذبونك ولكنهم يجحدون بآيات الله وبلّغه الآية عن الله». والحديثان لا يعزوان ما جاء فيهما إلى النبي ﷺ الذي هو المرجع الذي ينقل عنه مثل ذلك. والآية بعد منسجمة مع الآيات الأخرى ومع السياق بحيث يسوغ التوقف في كونها نزلت لمناسبة ما جاء في الأحاديث. وهذا لا يمنع أن يكون ما جاء في حديث الترمذي واقعا في ذاته وقد مرّ في سياق تفسير الآية [٢٨] من هذه السورة رواية من بابها تفيد أن الكفار كانوا مستيقنين من صدق النبي ﷺ وأنهم كانوا يقفون منه موقف المناوأة استكبارا وحسدا وقد أوردنا في سياق ذلك بعض الآيات التي تفيد ذلك أيضا.
على أن الطبري وغيره يروون في الوقت نفسه أن الذي عنته الآية من حزن النبي ﷺ هو تكذيبهم إياه فعلا وقولهم إنه شاعر وإنه كاهن وإنه كاذب وإنه مفتر وإنه ساحر مما حكته عنهم آيات عديدة مرت أمثلة منها في السور التي سبق تفسيرها كذلك، فأنزل الله الآية على سبيل تثبيته وتطمينه والتنديد بالكفار وذكر الحقيقة من مواقفهم ولا يخلو هذا من وجاهة أيضا، والله أعلم.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٣٧ الى ٣٩]
وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩)
في الآيات حكاية لتحدي الكفار النبي ﷺ باستنزال آية ومعجزة من الله مؤيدة له. وأمر بالرد عليهم: بأن الله قادر على ذلك ولكن أكثر المتحدين لا يعلمون ولا يدركون حكمة الله تعالى في تحقيق ذلك أو عدم تحقيقه. وبأن قدرته أوسع شمولا وتناولا وأن آياته ماثلة للعيان في كل شيء. وأنه ليس في الأرض دابة وليس في