التي لم يرد شيء منها في كتب الصحاح. ولقد جاء بعد قليل من الآيات آية لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) حيث يمكن أن يكون بعض أصحاب رسول الله ﷺ سألوه عن قصة يوسف ورووا ما يقوله عنها اليهود فأنزل الله فصول قصة يوسف وجعل الآيات الثلاث تمهيدا لها.
ولقد أورد ابن كثير أحاديث أخرى في سياق هذه الآيات مفادها أن بعض أصحاب رسول الله ﷺ استكتبوا صحفا مما عند اليهود وأرادوا أن يعرضوها على النبي ﷺ فغضب النبي من ذلك وتلا عليهم هذه الآيات. وآية سورة الزمر اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ... الزمر: [٢٣] ومن هذه الأحاديث حديث رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر جاء فيه: «إن عمر أتى النبي ﷺ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي ﷺ فغضب وقال أمتهوّكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها نقية بيضاء. لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوه أو بباطل فتصدقوه. والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلّا أن يتبعني».
وبقطع النظر عن كون هذه الأحاديث لم ترد في الصحاح وأن بعض نقاد الحديث قد تكلموا فيها فإن الفكرة فيها هي حرص النبي ﷺ على اكتفاء أصحابه بما يبلغهم إياه من آيات الله وتحذرهم ممّا في أيدي اليهود من كتب تحتمل الكذب والانشغال بها عن القرآن. ولقد روى البخاري عن أبي هريرة قال: «كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها لأهل الإسلام فقال رسول الله ﷺ لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون» «١». مما قد يكون فيه تأييد ما للفكرة المذكورة.
وقد تكون الفكرة صحيحة والأحاديث محتملة الصحة. وصحة الفكرة واردة بخاصة في ظرف حياة النبي ﷺ وخلفائه الراشدين حيث كان أغلب اليهود يكفرون

(١) التاج ج ٤ ص ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon