مثله فينزل عليهم الكتب والآيات الواضحة والمعجزات، ويبين بواسطتهم للناس سبيل الحق. وأنه قد أرسل النبي ﷺ بشرا كالأنبياء السابقين، ونزل عليه مثلهم الكتاب ليبين للناس سبيل الحق ويدعوهم إليها لعلهم يهتدون ويتفكرون.
٢- وخطاب للسامعين على سبيل التوكيد والتحدي بأن يسألوا أهل العلم والكتاب إذا كانوا لا يفهمون ولا يعلمون هذه الحقيقة.
والآيتان بسبيل توكيد كون رسالة النبي ﷺ والقرآن حقّا وجريا على سنّة الله، وهما في نطاق المواضيع التي سبقت آيتي الهجرة من حيث صلتهما بموقف الكفار من الرسالة المحمدية وإنذارهم كما هو المتبادر. وقد جاءتا بأسلوب قوي يتضمن معنى التحدي والإفحام ومعنى كون السامعين يعرفون سنة الله التي جرت من قبل في إرسال الرسل بشرا وإنزال الكتب عليهم. ومن هنا جاء الإفحام والإلزام، وقد ذكرت آيات عديدة أن الكفار كانوا يعرفون ذلك مثل آيات سورة القصص هذه:
وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى [٤٨] وآية سورة الأنبياء هذه: بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥)، وآية سورة الأنعام هذه: أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦).
وأسلوب الآية الأولى وما فيها من تحدّ يتضمن معنى التوكيد بأن شهادة أهل الذكر ستأتي مؤيدة، كما أنه قد يدل على ما كان لأهل الكتاب من اعتبار في نفوس العرب. وهذا ما تكرر الإلماع إليه في آيات عديدة في سور مرّ تفسيرها مثل الإسراء والأنعام والفرقان.


الصفحة التالية
Icon