القول الذي حكي عن الكفار في الآية [١١] قد كان بين ابن كافر وأب مؤمن أو بالعكس. ويقوي هذا الاحتمال ورود تعبير أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ في هذه الآيات وورود تعبير إِفْكٌ قَدِيمٌ في تلك الآية. فإذا صح هذا ونرجو أن يكون صوابا إن شاء الله فتكون الصلة قائمة بين هذه الآيات وما قبلها، وتكون هذه الآيات قد جاءت معقبة على ذلك الموقف.
تعليق على آية وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً وما بعدها
ولقد روي أن الشق الأول من هذا الفصل نزل في حق أبي بكر الذي أسلم هو وأبواه حتى لم يجتمع لأحد من المهاجرين أن أسلم أبواه غيره أو في حق سعد بن أبي وقاص «١». وأن الشق الثاني نزل في حق ابنه عبد الرحمن الذي تأخر في الإسلام عن أبيه وقتا ما. وقد روى الذين رووا أن الشق الثاني في حق عبد الرحمن أن عبد الرحمن عارض رغبة معاوية بن أبي سفيان في تعيين ابنه وليا للعهد حينما طلب مروان بن الحكم والي المدينة من الناس مبايعته فأغضب مروان فقال له: أنت الذي يعنيه الله في آيات الأحقاف؟ فقالت عائشة أخته: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلّا أنه أنزل عذري أو قالت كذب مروان والله ما هو به ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته ولكن رسول الله ﷺ لعن أبا مروان ومروان في صلبه فمروان نقيض من لعنه الله «٢». وقد روى بعض هذا البخاري وهذا نصه: «كان معاوية استعمل على الحجاز مروان فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية كي يبايع له بعد أبيه فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا فقال خذوه فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه فقال مروان: إنّ هذا الذي أنزل الله فيه: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ الآية، فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من
(٢) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والطبرسي.