كل مكان وزمان وظرف. ولقد انطوى في الجملة في الوقت نفسه دعوة لكل الناس في كل زمن ومكان للنظر فيه ليجدوا ذلك. ولقد أوّل جمهور المفسرين «١» جملة تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ
بمعنى بيان ما الناس في حاجة إليه من طرق الهدى والضلال والخير والشر والحلال والحرام والحق والباطل والحدود والأحكام. وفي هذا من الوجاهة ما يتسق مع أهداف القرآن وما لا يتعارض مع ما ذكرناه آنفا. وعلى كل حال فمن الواجب أن تبقى الجملة في هذا النطاق مع عدم فصلها عما سبقها ولحق بها وعدم الخروج بها إلى قصد تبيان نظريات الكون ونواميسه وموجوداته وأحداثه مما يحاوله بعض المسلمين استنباطا من إشارات القرآن الوعظية والتمثيلية والتذكيرية. لأن في هذا كثيرا من التمحل كما فيه إخراج للقرآن عن قدسيته وأهدافه السامية.
[سورة النحل (١٦) : آية ٩٠]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠)
. تعليق على الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ...
تضمنت الآية تقريرا بأن الله يأمر بالعدل والإنصاف والمساواة ويأمر بما هو فوق ذلك أيضا وهو الإحسان وإيتاء ذي القربى. وينهى عن كل ما فيه فحش ومنكر من قول وعمل وعن كل ما فيه بغي على الناس وعدوان وظلم وجور. وانتهت بتوجيه الخطاب إلى السامعين القريبين بأن الله يعظهم بذلك لعلهم يتذكرون ويعلمون ما يجب عليهم ويعملون به.
ولم يرو المفسرون مناسبة للآية. ويتبادر لنا أنها جاءت معقبة على الآية السابقة لها لتحتوي فصلا من فصول الكتاب التي ذكرت هذه الآية أن فيه تبيانا