الأخروي إلى النار أيضا ولن يجدوا لهم أنصارا ينصرونهم من الله وغضبه.
وآيات السورة قاصرة كما هو واضح على رسالة نوح لقومه، وهي من هذه الناحية شاذة بين سور القرآن المعقودة على أسماء الأنبياء والتي فيها حكاية رسالات الأنبياء الآخرين غير المعقودة عليهم أولا واحتوت مواعظ وتذكيرا وتعقيبا في صدد الرسالة المحمدية ومواقف العرب منها ثانيا.
ومع ذلك فإنه يلحظ في آيات السورة:
١- تماثل غير يسير بين أسلوب التذكير بنعم الله وأفضاله ومشاهد قدرته وبين أسلوب الآيات الكثيرة الموجهة إلى كفار العرب في سور عديدة.
٢- وتماثل غير يسير بين مواقف كفار قوم نوح وتصاممهم ومكر زعمائهم وتحريضهم الناس على عدم الاستماع له وبين ما حكته آيات كثيرة في سور عديدة عن مواقف كفار العرب وزعمائهم، وقد مرّ من هذا وذاك أمثلة عديدة.
فهذا يلهم أن آيات السورة استهدفت فيما استهدفته تذكير العرب ودعوتهم إلى الاعتبار بقوم نوح وتأنيبهم على مواقفهم المماثلة لمواقفهم. وتسلية النبي والمؤمنين بأن مواقف كفار العرب ليست بدعا فإن قوم نوح أيضا وقفوا نفس الموقف فكانت عاقبتهم الهلاك.
ولابن العربي تفسيرات صوفية لبعض آيات هذه السورة في نص الحكم الذي عقده على نوح عليه السلام. من ذلك في آيات مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (٢٥) يقول: (مما خطيئاتهم أغرقوا فهي التي خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله وهو الحيرة، فأدخلوا نارا في عين الماء فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد). وفي آيات:
وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً (٢٨) يقول: (إنك إن تذرهم أي تدعهم وتتركهم يضلوا