فجعلت تهوي بي وأرى أمثال النسور تمشي في دفوفها وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على نبيّ الله تلا القرآن، فلما رجع قلت: يا نبي الله، ما اللغط الذي سمعت؟ قال: اجتمعوا إليّ في قتيل كان بينهم فقضى بينهم بالحق» وفي رواية أخرى عن ابن مسعود «١» يبدو أنها تابعة أو متفرعة عن هذه الرواية: «أن النبي ﷺ سأله هل رأيت شيئا قال: نعم، رأيت رجالا سودا مستشعري ثياب بيض قال أولئك جنّ نصيبين سألوني المتاع والمتاع الزاد فمتعتهم بكلّ عظم حائل أو بعرة أو روثة»، وفي رواية ثانية تبدو أنها متفرعة أيضا: «قلت يا رسول الله لقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك وتقول لهم اجلسوا.
فقال: لو خرجت لم آمن عليك أن يتخطّفك بعضهم». وفي رواية عن ابن عباس «٢» أن عددهم سبعة وأن رسول الله جعلهم رسلا إلى قومهم وفي رواية أخرى أنهم كانوا تسعة وأن أسماءهم: حسى وحسى، ومنسى، وساصر، وناصر، والأردوبيان، والأحتم، وزوبعة. وأنهم من حي يقال له بني الشيصبان وكانوا أكثر الجن عددا وأشرفهم نسبا وهم عامة جنود إبليس. وأن الجن كانوا ثلاث صنوف منهم على صفة الطيور، ومنهم على صفة الحيات والكلاب، ومنهم من يحلون ويظعنون «٣». وفي رواية عن ابن عباس «٤» جاء فيها: لما حيل بين الشياطين والسماء وأرسلت عليهم الشهب قالوا لبعضهم ما حال بينكم وبين خبر السماء إلّا شيء حدث فاضربوا في الأرض فانظروا فانصرفوا يبحثون حتى التقوا بالنبي ﷺ يصلي في أصحابه بنخلة صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن قالوا: هذا والله الذي حال بينكم فرجعوا إلى قومهم يقولون: «يا قومنا إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنّا به».
وتعليقا على ذلك نقول: إن من هذه الأحاديث ما ورد في كتب الصحاح
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) انظر تفسير ابن كثير.
(٤) انظر تفسير البغوي.