إنه إنما يؤخرهم إلى أجل ثم يأخذهم. ويكون أخذه لهم أليما شديدا أو إنه إنما يملي لهم إملاء وتنديد بالذين يظنون أن ما هم فيه حظوة من الله وإنذارات قارعة لهم بالعذاب والبلاء في الدنيا والآخرة ووعد بنصر المؤمنين والصالحين مما مرّ منه أمثلة عديدة في سور سبق تفسيرها. والجملة بعد تنطوي على تقرير كون العاقبة والنصر وإرث الأرض في النهاية هي لهؤلاء مهما كان للأولين من نجاح وتمكّن.
تأويل الشيعة للجملة السابقة واستطراد إلى موضوع المهدي وما ورد فيه من أحاديث وتعليق عليها
لقد روى الطبرسي المفسر الشيعي عن أحد الأئمة الاثني عشر أبي جعفر قوله: إن الصالحين في الآية هم المهدي وأصحابه في آخر الزمان وإن مما يدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي ﷺ أنه قال: «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا صالحا من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا». وروى المفسر حديثا مرويا عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: «لا يزداد الأمر إلّا شدة ولا الناس إلّا شحّا ولا الدنيا إلّا إدبارا ولا تقوم الساعة إلّا على شرار الناس ولا مهدي إلّا عيسى». ثم قال إن الحديث منقطع وإن بعض رواته متروكون أو مهمولون. وإن الأحاديث في ظهور المهدي صحيحة الأسناد. وساق حديثين واحدا رواه أبو داود عن عبد الله فيه نصّ الحديث الذي رواه أبو جعفر مع زيادة هي: «وفي رواية يواطىء اسمه اسمي» «١». وواحدا رواه أبو داود كذلك عن أم سلمة قالت: «سمعت رسول الله ﷺ يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة». والحديثان واردان في التاج أيضا أولهما معزوّ إلى أبي داود والترمذي وثانيهما إلى أبي داود والحاكم «٢». وفي

(١) انظر التاج ج ٥ ص ٣١١- ٣١٢.
(٢) المصدر نفسه.


الصفحة التالية
Icon