خداج» «١». وروى أبو داود عن عمار بن ياسر عن النبيّ ﷺ قال: «إنّ الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلّا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» «٢». وروى أبو داود عن عقبة بن عامر قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:
«ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلّي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلّا وجبت له الجنة» «٣». وواضح أن الأحاديث والتعريفات استهدفت تأديب المسلم ليكون في صلاته منصرفا عن كل شيء متفرغا في قلبه وجسمه إلى الله عز وجل.
على أننا نرجح أن الآيات انطوت في الوقت نفسه على التنويه بالمؤمنين في العهد المكي وتقرير كونهم متصفين بهذه الصفات. وإذا صحّ ترجيحنا إن شاء الله ففيها صورة واقعية رائعة لأثر الإيمان القوي في ذلك الرعيل الأول رضوان الله عليهم.
وقد يؤيد ترجيحنا آيات عديدة وردت في سور عديدة من السور السابقة فيها تنويه بالمؤمنين وأخلاقهم وصفاتهم وأثر الإيمان فيهم منها هذه الآيات في سورة الذاريات: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩).
وجملة وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ من الأدلة المؤيدة لما قررناه في سياق سورة المزمل من كون الزكاة كانت مفروضة وممارسة في العهد النبوي المكي مثل الصلاة. وكلام المفسرين متسق مع ذلك «٤».

(١) التاج ج ١ ص ١٧٥- ١٧٦.
(٢) المصدر نفسه. [.....]
(٣) المصدر نفسه.
(٤) انظر تفسير الآيات في تفسيري ابن كثير والبغوي.


الصفحة التالية
Icon