ومنهم من قال إنها من الهجر بمعنى الفحش في السبّ. والآية تتحمّل المعنيين.
في الآيات عودة إلى بيان حقيقة المنحرفين الكفار وأعمالهم وإنذار لهم:
١- فقلوبهم غافلة عن الاستشعار بخوف الله وما يجب عليهم نحوه.
٢- وأعمالهم غير تلك التي ترضي الله والتي سبق وصفها وسيظلون مرتكسين فيها لا يدعونها لأنهم معتادون عليها إلى أن يحلّ فيهم عذاب الله وحينئذ فقط يدركون خطأهم فيأخذون بالعويل والاستغاثة. وسيقال لهم حينئذ لا تضجوا ولا تصخبوا ولا تعولوا فلن يفيدكم ذلك شيئا. ولن يكون لكم ناصر من الله.
لأنكم كنتم كل ما تليت عليكم آياته ولّيتموها ظهوركم ونكصتم على أعقابكم استكبارا عن سماعها وعنادا.
أما الآية الأخيرة فقد اختلف في تأويلها بسبب الاختلاف في ضمير (به) حيث أرجعه بعضهم «١» إلى القرآن فقالوا إنها بصدد التنديد بالكفار لاستكبارهم عن القرآن وهجرهم إياه وتمضية أوقات السمر بالسخرية به. وحيث أرجعه بعضهم «٢» إلى النبي ﷺ وقالوا إنها بصدد التنديد بهم لاستكبارهم وهجرهم دعوة النبوة وتأليبهم عليه في أسمارهم ونبزهم إياه بالقول الفاحش وحيث أرجعه بعضهم إلى الحرم واعتدادهم بأنهم أهله وهجرهم النبي فيه.
وقد تبادر لنا تأويل آخر وهو التنديد بالكفار لهجرهم النبي وما يتلوه من القرآن استكبارا كأنما يهجرون سامرا يتحدث باللهو والأفاكيه. ولعل في الآيات التالية قرينة على وجاهة هذا التأويل إن شاء الله.
والاتصال قائم سياقا وموضوعا بين الآيات وبين سابقاتها كما يظهر من التمعّن فيها.
وقد قال بعض المفسرين إن العذاب الذي يجأر منه الكفار هو ما حلّ بزعماء
(٢) المصدر نفسه.