٤- رأينا بعض المفسرين «١» يقفون عند جملة وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ ليقولوا إنها تعني أن منهم من لا يكره الحقّ مع كفره وليذكروا اسم أبي طالب عمّ النبي الذي لم يؤمن حياء لا مكابرة ولا كراهية للحقّ. ومع أنه كان بين الكافرين من هو معتدل الموقف ومقرّ بقلبه بالحق الذي جاء به النبي على ما شرحناه في سياق آية وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا [القصص:
٥٧] فإنه يتبادر لنا أن الجملة أسلوبية تكرر نوعها في القرآن مثل وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ [النحل: ٨٣] ووَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [المائدة: ١٠٣] وأَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [القصص: ٥٧] إلخ.
ونقول هنا أيضا إن جملة وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ وما في بابها إنما كانت تسجيلا لواقع سامعي القرآن حين نزول الآيات بدليل أن أكثر من نعتوا بها قد آمنوا وحسن إسلامهم وحظوا برضا الله ورضوانه.
وجملة وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ جليلة المدى عامة التلقين في إيجاب التزام الحقّ واتباعه وعدم تغليب الهوى والميول والأنانية والمآرب الخاصة عليه لما في ذلك من فساد كون الله وأهله.
هذا، ولقد أورد ابن كثير على هامش الآية وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ حديثا رواه الحافظ أبو يعلى بطرقه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «قال رسول الله ﷺ إني ممسك بحجزكم هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني.
تقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب. فأوشك أن أرسل حجزكم. وأنا فرطكم على الحوض فتردون عليّ معا وأشتاتا أعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فأناشد فيكم ربّ العالمين أي ربّ قومي أي ربّ أمتي فيقال يا محمّد إنك لا تدري ما