أحدثوا بعدك. إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى على أعقابهم. فلا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت. ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيرا له رغاء ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت. ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا لها حمحمة فينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغت. ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل سقاء من أدم ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغت» «١». حيث ينطوي في هذا الحديث تنبيه وإنذار قويان نافذان بأن النبي ﷺ قد بيّن للناس ما يحسن بهم أن يلتزموه ليكونوا على صراط الله المستقيم وبوجوب ابتعادهم عن كلّ ما فيه ظلم وانحراف وعدوان مهما قلّ.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٧٥ الى ٧٧]
وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥) وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧)
. (١) لجّوا: تمادوا.
(٢) استكانوا: استذلوا وخضعوا.
وهذه الآيات استمرار للحملة الإنذارية والتنديدية السابقة على الكفار: فهم مصرون على عنادهم وجحودهم في حالتي سرائهم وضرائهم. فإذا كانوا في حالة اليسر والرغد حسبوا ذلك اختصاصا وتكريما من الله ودليلا على أنهم على حقّ في

(١) عقب ابن كثير على الحديث قائلا: إن علي بن المديني قال إنه حديث حسن الأسناد إلّا أن حفص بن حميد- أحد رواته- مجهول لا أعلم روى عنه غير يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي وعقب ابن كثير على هذا أنه قد روى عنه أيضا أشعث بن إسحق ووصفه يحيى بن معين بأنه صالح ووثقه النسائي وابن حبان.


الصفحة التالية
Icon