قلوب كثيرة وتخشع أبصار أصحابها. وسوف يتساءل هؤلاء عما إذا كانوا حقا قد عادوا إلى الحياة مرة ثانية بعد أن كانوا عظاما بالية ويقولون إن هذا إذا كان حقا فإنها لعودة خاسرة.
وقد تضمنت الآيتان الأخيرتان بيان سهولة البعث على الله، فالأمر لن يقتضي إلّا صرخة واحدة فلا يلبث الناس أن يروا أنفسهم في صعيد واحد في انتظار قضاء الله وحكمه.
وواضح أن الآيات هي في صدد توكيد البعث والحساب ووصف هول يوم القيامة وأن الذين حكت اضطراب قلوبهم وخشوع أبصارهم وتساؤلهم وأقوالهم هم منكرو البعث. وقد تضمنت الآيات ردّا عليهم وإنذارا لهم. واستهدفت فيما استهدفته إثارة الخوف فيهم وحملهم على الارعواء بالإضافة إلى المشهد الأخروي الذي يجب الإيمان به وإيكال كنهه وسرّه إلى الله تعالى.
ولقد تكررت حكاية تساؤل الكفار عن بعثهم بعد أن يكونوا عظاما نخرة وتكرر الردّ عليهم ووصف ما سوف يحلّ بهم بما يقارب ما جاء في هذه الآيات حيث كانت تتجدد المواقف فتقضي حكمة التنزيل بتجدد الحكاية والردّ استهدافا للهدف الذي نبهّنا عليه كما هو المتبادر.
وبرغم ما في الآيات من صراحة قطعية إنها في صدد البعث الأخروي وإنذار الكفار فإن المفسّر الشيعي الكارزاني يروي عن المفسر الشيعي القمي عن الصادق عليه السلام أن الراجعة تعني الحسين والرادفة تعني أباه عليا رضي الله عنهما وأن في الآيتين إشارة إلى رجعة الحسين ثم أبيه وما سوف يعتري أعداءهما من خوف وهلع «١». وفي هذا ما هو ظاهر من تعسف وشطط وهوى حزبي.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ١٥ الى ٢٦]
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩)
فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤)
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦)

(١) التفسير والمفسرون للذهبي، ج ٢ ص ٧١.


الصفحة التالية
Icon