[البقرة: ٢٦] وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ [إبراهيم: ٢٧] على ما نبهنا عليه في المناسبات الكثيرة المماثلة. ومع ذلك فهي تقرير لواقع أمر الكفار حينما نزلت الآيات وليست تقريرا حتميا لمستقبلهم بدليل أن غالبيتهم الذين سمعوا القرآن قد اهتدوا وآمنوا ونالوا رضاء الله ورحمته.
ولقد أورد ابن كثير في سياق هاتين الآيتين حديثا رواه الطبراني عن ابن عباس قال: «كان يلبي أهل الشرك: لبّيك اللهم لبّيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك. وتملكه وما ملك» فأنزل الله الآية. وليس في الرواية ما يدلّ على أن ذلك مناسبة لنزول الآية وإنما هي بمثابة توضيح تفسيري مستمد من عادات المشركين.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)
. (١) فطرة الله: أمر الله الذي أوجبه على الناس أو فطرهم وخلقهم وصنعهم عليه، أو طريقته التي أوجب عليهم السير عليها «١».
(٢) لخلق الله: لدين الله على ما رواه المفسرون «٢» عن عدد من علماء التابعين ومفسريهم وهو وجيه متسق مع روح الآية.
في الآية الأولى أمر للنبي بالثبات على دين الله الذي هدى إليه بإخلاص تامّ دون ما اعوجاج ولا تردّد. فهذا الدين هو الذي فطر الله الناس عليه، وطريقته وأمره اللذان أوجب عليهم السير عليهما. والتي لا يصح أن يقع عليه تبديل ولا تعديل ولو لم يدرك ذلك أكثر الناس.
(٢) انظر المصادر المذكورة أيضا.