الآيات من أول السورة إلى آخر الآية الحادية عشرة، ولعل الرواية الأخيرة هي سبب ذلك.
تعليق على آية وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً إلخ والآية التالية لها
وروح الآيتين ونظمهما ومضمونهما من جهة وورود ما يماثلهما في آيات لا خلاف في مكيتها من جهة أخرى يجعلاننا نرى فيهما صورة من صور العهد المكيّ أكثر من العهد المدنيّ ونشكّ في رواية مدنيتهما كما شككنا في رواية مدنية الآيات السبع السابقة. وليس من شأن رواية كونهما نزلتا في مسلم مهاجر إلى المدينة ومحاولة أبويه حمله على الارتداد والعودة إليهما في مكة أن تضعف من شكّنا لأنها غير وثيقة الإسناد وغير معقولة الحدوث. ولأن طابع الآيتين مماثل لطابع الآيات المكيّة المماثلة، ومضمونها متّسق مع ظروف العهد المكيّ أكثر.
ولقد آمن عدد كبير من شباب قريش وشاباتهم رغم بقاء آبائهم على الشرك والجحود ومناوأتهم الشديدة للنبي ودعوته. وكان بعض هؤلاء الآباء من الزعماء البارزين. وقد اضطر أكثر هؤلاء الشباب المسلمين إلى الهجرة إلى الحبشة هربا من ضغط آبائهم واضطهادهم «١». فالمتبادر أن حوادث ضغط الآباء على الأبناء قد تكررت وتعددت فاقتضت حكمة التنزيل تكرار الأمر والتنبيه.
والصلة بين الآيتين والآيات التي قبلهما وبعدهما لا تبدو واضحة. غير أننا نستبعد- بناء على ما لمسناه من انسجام الآيات المكية وتسلسل اتصالها ببعضها- أن لا يكون للآيتين صلة ما بسابقهما أو لاحقهما. وأن يكونا قد أقحمتا في موضعهما إقحاما. ومما خطر على بالنا أن تكون الفتنة التي ذكرت في الآيات السابقة متصلة بموقف من مواقف الضغط من الآباء على الأبناء أو أن يكون هذا من صورها ومشاهدها. فهو بدون ريب موقف محرج يمكن أن يكون فيه امتحان