في الآيتين: حكاية لبعض ما كان يقوله الكفّار للمسلمين حيث كانوا يقولون لهم على سبيل الحجاج أو التحدّي أو الإنكار: اتبعونا فيما نحن عليه من دين وتقاليد ودعوا دينكم الجديد ونحن نحمل عنكم وزر خطأكم وما تخافونه من عقاب وعذاب. وتزييف رباني لهم في معرض الردّ فهم كاذبون فيما يقولون ولن يحملوا عنهم شيئا. بل إنهم سوف يحملون يوم القيامة أوزارهم وأوزارا أخرى معها، وسوف يحاسبون على جرائمهم ومفترياتهم.
ولم نطلع على رواية خاصة في مناسبة نزول الآيتين ولقد احتوت الآية الأولى مشهدا من المشاهد التي كانت تقع في أثناء الدعوة في العهد المكي والتشاد والتجاذب اللذين كانا يجريان بين بعض المسلمين والكفّار من آباء وأبناء وأقارب وأصدقاء مما حكت بعضه الآيات السابقة ومما يجعل الصلة قائمة بين الآيتين والآيات السابقة. ومما يقوم قرينة مؤيدة لترجيحنا بأن الآيات السابقة هي مكيّة مثل هاتين الآيتين المعطوفتين عليها وليست مدنيّة كما ذكرت الروايات.
وإلى ما ذكرناه فإن الآية الأولى تنطوي على أسلوب طريف من أساليب الجدل والحوار التي كان يعمد إليها الكفار فإنهم كما كانوا يعمدون إلى الأذى والضغط أحيانا وإلى التشويش والتشكيك أحيانا، وإلى المراوغة والخديعة أحيانا.
كما حكت آيات عديدة مرّت أمثلة منها، كانوا يعمدون إلى التعهد للمؤمنين بتحمل مسؤولياتهم عن خطيئاتهم وذنوبهم وكفرهم إذا عادوا إلى دين آبائهم وتقاليدهم وسبيلهم!.
والمتبادر أن الذين كانوا يعمدون إلى هذه الأساليب هم الزعماء. وقد روى المفسرون «١» في سياق هاتين الآيتين اسم أبي سفيان. والغالب أن هذا القول قد صدر منه أو من غيره لبعض المسلمين في سياق الجدل والحجاج وادعاء التفاضل

(١) انظر تفسير البغوي والخازن.


الصفحة التالية
Icon