وافيا، وإذا باعوا للغير طففوا وكالوا ووزنوا ناقصا ليضمنوا لأنفسهم الربح في الحالتين على حساب ضرر الآخرين.
٢- وتساؤلا في معرض الإنذار عمّا إذا كانوا حينما يفعلون ذلك لا يعرفون أنهم مبعوثون بعد الموت لليوم العظيم الذي يقف الناس فيه بين يدي الله ربّ العالمين ليقدموا الحساب عن أعمالهم.
وهذه ثانية سورتين ابتدأتا بكلمة (الويل) التقريعية. والآيات تنطوي على صورة من صور أخلاق بعض التّجار في مكة في عهد النبي ﷺ كما هو المتبادر.
وهي في الوقت نفسه عامة تظهر في كل زمان ومكان. والمتبادر أن إطلاق التقريع والإنذار في الآيات هو بسبب ذلك ليكون فيها تلقين مستمر المدى في تقبيح بخس الناس وغشهم وسلب أموالهم بطريق الحيلة والخداع.
ولقد احتوت سورتا الإسراء والأنعام آيات فيها أمر بوفاء الكيل والميزان والوزن بالموازين المستقيمة حيث ينطوي في هذا تقرير كون هذا الأمر من الأخلاق الهامة التي عنى القرآن بإيجابها لما له من صلة بجميع الناس تتكرر في كل وقت.
والإنذار والتقريع في الآيات هما توكيد لما احتوته آيات السورتين بأسلوب آخر.
والتساؤل ينطوي على تقرير ما فتىء القرآن يقرّره وهو أن جرأة كثير من الناس على الآثام تأتي من عدم مراقبتهم الله وحسبانهم حساب الآخرة. وهذا من دون ريب متصل بحكمة الله فيما يقرره القرآن من حقيقة البعث والجزاء الأخرويين.
وقد روى المفسرون «١» عن ابن عباس أن أهل المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا وأنه كان فيها رجل يقال له أبو جهينة معه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة أنزل الله الآيات. ومقتضى هذا أن تكون الآيات مدنية. ولا تفهم حكمة لوضع آيات مدنية في رأس سورة تجمع الروايات