بدأت السورة بحمد الله، وهذا أسلوب من أساليب النظم القرآني في مطالع السور وقد مرّ منه بعض الأمثلة.
واحتوت الآيات الخمس الأولى: تقريرا بكون الله تعالى الذي له الحمد وحده قد نزل القرآن على عبده أي النبي محمد مستقيما لا عوج فيه لينذر الناس جميعا ببأسه وقوته. ويبشّر المؤمنين الصالحين بالأجر الحسن الذي يتمتعون به تمتعا دائما خالدا، وينذر الذين يعزون إليه اتخاذ الولد دون ما علم ولا بينة عندهم ولا عند آبائهم، وإنها لكذبة كبرى تصدر عنهم بمنتهى الوقاحة والفظاعة.
والتفتت الآيات الثلاث التالية إلى النبي ﷺ تنبهه إلى ما يحمل نفسه من هم وحزن يكادان يهلكانها بسبب انصراف الناس عن الاستجابة لدعوته والإيمان بكلام الله دونما ضرورة ولا موجب. وتبين له أن الله إنما يزين الأرض بما عليها من وسائل الحياة والاستمتاع لاختبار أعمال الناس فيها، وإنه لسوف يجعلها قاحلة يابسة لا زينة فيها ولا حياة ولا وسائل ولا نبات ولا شجر.
والقسمان متصلان ببعضهما من حيث كون الأول في بيان مهمة النبي ﷺ والثاني في تطمينه وتسليته. والمتبادر أن التنديد بالذين ينسبون إلى الله الولد موجه إلى مشركي العرب الذين كانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله مما احتوت الإشارة إليه والحملة عليهم بسببه آيات قرآنية كثيرة مرّ كثير منها.
وفحوى الآية [٤] ثم الآية [٥] هو الذي جعلنا نرجح أن التنديد والإنذار موجهان لمشركي العرب دون النصارى، وهؤلاء هم موضوع إنذار وتنديد آخرين في السورة وهذا مما يقوي ذلك.
والآيتان الأخيرتان بخاصة تدعيم لتطمين النبي صلى الله عليه وسلم، فليس هو إلّا نذير، والدنيا للناس هي دار اختبار ولسوف تزول ويرجع الناس إلى الله بعدها.
ويلحظ أن السورة السابقة انتهت بتقرير كون النبي ﷺ غير مسؤول عن كفر الكفار وليس مكلفا بإجبارهم وأنهم راجعون إليه. وأن هذه السورة ابتدأت بتدعيم