الخطاب في الآية موجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه:
١- أمر بالتساؤل عمّن هو ربّ السموات والأرض وبالإجابة على ذلك بأنه هو الله.
٢- وأمر ثان بتوجيه أسئلة تنطوي على التنديد والتسفيه إلى المشركين عمّا في اتخاذهم غيره أولياء ونصراء وشركاء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا فضلا عن غيرهم من سخف. وعما إذا كان يصح في عقل عاقل أن يسوى بين الأعمى والبصير وبين الظلمات والنور حتى تصحّ التسوية بين القادر والعاجز. وعما إذا كان شركاؤهم قد خلقوا شيئا مثل ما خلق الله فالتبس الأمر عليهم ورأوا فيهم قدرة أو مزية.
٣- وأمر ثالث بتقرير كون الله وحده هو خالق كل شيء وأنه هو الإله المتفرّد في الألوهية القهّار الذي يعنو لعظمته كل شيء.
والآية متصلة بالسياق كذلك كما هو المتبادر. وقد يكون فيها قرينة أخرى على أن السياق هو بسبيل مشهد من مشاهد الجدل الوجاهي بين النبي والمشركين.
وأسلوبها جدلي قوي وملزم كما هو ظاهر.
والأمر بالإجابة على السؤال الأول من قبل النبي وإن كان يبدو بذاته غير ملزم للمشركين في سياق الجدل فإن ما جاء في آيات كثيرة مرّت أمثلة منها في سورة يونس [٣١] والمؤمنون [٨٤- ٨٦] والزخرف [٩ و ٨٧] من حكاية جوابهم واعترافهم بأن خالقهم وخالق الكون هو الله يمكن أن يكون قرينة على أن هذا الجواب قد جاء كتقرير حقيقة لا يكابر فيها الفريق الآخر. وهذا سائغ مألوف في مواقف الجدل والمناظرة. وفي مضمون بقية الآية قرينة قوية على هذا التوجيه.
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٧]
أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ (١٧)