قرآنيين شاملين محكمين. والمتبادر من صيغة الرواية أنها بسبيل شرح ما ينطوي فيهما من بعض حكمة التنزيل.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق الآيتين حديثا عن أبي إدريس قال: «إنّ أبا بكر كان يأكل مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأنزلت هذه الآية فرفع يده من الطعام وقال إني لراء ما عملت من خير وشرّ فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إن ما ترى مما تكره فهو بمثاقيل ذرّ الشر ويدخر الله لك مثاقيل ذرّ الخير حتى تعطاه يوم القيامة». وحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «أنزلت إِذا زُلْزِلَتِ وأبو بكر قاعد فبكى فقال له رسول الله: ما يبكيك؟ قال: يبكيني هذه السورة، فقال له: لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم». فإذا صحّت الأحاديث فتكون الحكمة النبويّة قد توخّت تطمين المخلصين من المؤمنين في صدد ما قد يصدر منهم من هفوات والله أعلم.
ولقد أورد ابن كثير في سياق الآيتين حديثا رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: «لما أنزلت وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ قلت يا رسول الله إني لراء عملي؟ قال: نعم، قلت: تلك الكبار الكبار؟ قال: نعم، قلت:
الصغار الصغار؟ قال: نعم، قلت: وأثكل أمي؟ قال: أبشر يا أبا سعيد فإنّ الحسنة بعشر أمثالها ثم إلى سبعمائة ضعف ويضاعف الله لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يغفر الله ولن ينجو أحد منكم بعمله إلّا أن يتغمدني الله منه برحمة».
فإن صحّ الحديث فتكون الحكمة النبوية قد توخت فيه التحذير من الكبائر والصغائر معا والتحذير كذلك من اعتداد الإنسان بأعماله ومنه على الله بها مع تأميل المؤمنين المخلصين في نفس الوقت بعفو الله ورحمته.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق الآيتين كذلك حديثا عن عائشة قالت:
«قلت يا رسول الله إن عبد الله بن جدعان كان يصل الرحم ويفعل ويفعل هل ذاك نافعه؟ قال: لا إنه لم يقل يوما ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين». وحديث عن سلمة بن يزيد الجعفي قال: «ذهبت أنا وأخي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول