بكتب الله المنزلة على الأنبياء السابقين فآمنوا، ونرى هذا هو الأوجه وقد أخذنا به في شرح الآيات.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٦ الى ٧]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧)
. في الآيتين تقرير بأن الكفار لا يؤمنون سواء أأنذرهم النبي أم لم ينذرهم لأن قلوبهم مغلقة عن فهم الحق، وآذانهم مسدودة عن سماعه، وأبصارهم معمية عن رؤية نوره، وقد استحقوا من أجل ذلك عذاب الله العظيم.
ولم نطلع على رواية خاصة بنزول الآيتين والمتبادر أنهما جاءتا استطرادا تعليليا لموقف الكفار ومكابرتهم وللمقابلة بين موقفهم وموقف المتقين الذين اهتدوا بهدى القرآن. فهؤلاء ذوو رغبة صادقة في الهدى يخشون الله فآمنوا وصدقوا حينما سمعوا القرآن ورأوا أعلام الحق، في حين انفقدت النية الحسنة والرغبة الصادقة في الكفار فكأنما انغلقت قلوبهم وسدت آذانهم وعميت أبصارهم.
ومضمون الآيتين تكرر في مواضع عديدة من القرآن المكي، وقد أولناه هنا بما أولنا به ما يماثله في المواضع المكية لأن هذا هو المتسق مع روح القرآن وتلقينه ومضامينه ثم مع الإنذار بالعذاب العظيم للكفار ثم مع تعبير الَّذِينَ كَفَرُوا الذي هو صريح بصدور الكفر عنهم.
وفي آيات سورة يس هذه توضيح وتأييد: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) حيث تضمنت كون الكافرين هم الذين خبثت سرائرهم وقست قلوبهم، وكون المؤمنين هم الذين رغبوا في اتباع الحق وآمنوا بالله واستشعروا خوفه.


الصفحة التالية
Icon