ومما روي «١» أن النبي صلّى الله عليه وسلّم التقى بزيد بن عمرو وقال عنه: إنه يبعث أمة وحده، وإنه كان يناجي ربه فيقول: (لبيك حقا حقا تعبّدا ورقّا. عذت بما عاذ به إبراهيم.
إنني لك عان راغم. مهما تجشمني فإني جاشم)، وهو أبو سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، الذي كان من السابقين الأولين إلى الإسلام وأسلمت معه زوجته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر رضي الله عنهم.
هذا، ويلحظ أن الآية لم تذكر صنفين ذكرا في آيات أخرى وهما عبّاد الشمس والقمر أو الكواكب وعبّاد الأوثان. وقد ذكر الأولون في الآية [٣٧] من سورة فصلت، وذكر الآخرون في آيات سورة الأعراف [١٩١- ١٩٨]، وآيات سورة النجم [١٩- ٢٤] وآيات سورة الأنبياء [٥٢] وإبراهيم [٣٥] والعنكبوت [١٧].
والمتبادر أن جملة وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا قد شملتهم لأنهم كانوا يعبدون الكواكب والأوثان من قبيل إشراكهم مع الله واتخاذهم شفعاء لديه، على ما شرحناه في سياق بعض الآيات.
وقد يكون هناك ملل تعبد مظاهر الطبيعة الأخرى، وهذه أيضا لا تخرج عن الشرك وصفة المشركين.
وقد يكون هناك ملل كتابية أخرى على ما شرحناه في سياق تفسير الآية [٧٧] من سورة غافر، والآية [١٥] من سورة الشورى. والآية التي نحن في صددها لا تنفي ذلك. والمتبادر أن اقتصارها على ذكر اليهود والنصارى من الملل الكتابية آت من كونهم هم الذين يعرفهم العرب ويتصلون بهم. والله تعالى أعلم.
[سورة الحج (٢٢) : آية ١٨]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨).