ولا توسع وتزيد مع استشفاف الحكمة والمقاصد الربانية فيها حسب مقاماتها. وما استطاع أن يفهمه بعقله لفظا ودلالة وحكمة ومقصدا وموعظة وتدعيما فهمه. وعليه أن يسأل من هو أعلم منه عما لا يستطيع أن يفهمه بعقله. وما عجز عنه هو ومن هو أعلم منه عن فهمه فيجب أن يقولوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ويكلون تأويله إلى الله تعالى.
٦- ولقد أثرت أحاديث نبوية عديدة منها ما ورد في الكتب المعتبرة فيها تدعيم لما جاء في الفقرة السابقة. فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن عائشة قالت «تلا رسول الله ﷺ الآية ثم قال فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين عناهم الله فاحذروهم» «١». وروى مسلم حديثا جاء فيه: «سمع النبي ﷺ رجلين اختلفا في آية وفرق في وجهه الغضب وقال إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب» «٢». وقد أورد ابن كثير في سياق تفسير الآية حديثا أخرجه ابن مردويه عن ابن العاص عن رسول الله ﷺ قال: «إنّ القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه فآمنوا به».
وهناك أحاديث عديدة أخرى من باب هذه الأحاديث فيها بعض زيادات لا تخرج في جوهرها عما في هذه الأحاديث أخرجها أئمة حديث آخرون وأوردها المفسرون في سياق الآية ومن ذلك أحاديث تذكر أن رسول الله ﷺ كان يدعو الله بما علمته الآيتان [٨ و ٩] «٣».
ولقد روى الطبري عن قتادة وغيره أن المقصود بجملة الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ هم الحرورية والخوارج والسبئية والقدرية. والمتبادر أن هذا القول هو من قبيل التطبيق الاجتهادي ومن وحي الأحداث والفتن الإسلامية التي حدثت في صدر الإسلام. ولقد قال الطبري بعد أن أورد هذا القول إن المعني بها كل مبتدع بدعة
(٢) المصدر نفسه.
(٣) انظر ابن كثير والطبري.